الاثنين، 2 فبراير 2015

احكم واقبض ...
نزيف اموال الفقراء بقرارات المحكمة الاتحادية العليا                             
                                                                                      القاضي
                                                                                    رحيم حسن العكيلي
يطالب الشعب الان بالغاء تقاعد البرلمانيين وهو شئ جيد ، لكنه لا يدري بان الخزينة العامة تنزف سنويا اضعاف ما قد تكلفه الرواتب التقاعدية البرلمانية ، ومنذ سنين ولا زالت لحد الان وسوف تستمر ، كفروقات لرواتب الموظفين الكبار بسبب قرار للمحكمة الاتحادية العليا يكتنفه الفساد وهو مخالف لابسط قواعد القانون،وجاء ضد مطالب الشعب في تظاهرات عام 2011 لالغاء امتيازات المسؤولين . 
اذ الغت المحكمة الاتحادية بالعدد 48 / اتحادية – اعلام / 2012 في 25 / 2 / 2013 قانون رواتب ومخصصات مجلس الوزراء رقم 27 لسنة 2011 الذي خفض الرواتب الفلكية للمناصب العليا في الدولة ، فخفض راتب رئيس مجلس الوزراء من ( 65 ) مليون الى ( 12 ) مليون ونوابه الثلاث من ( 60 ) مليون الى ( 10 ) ملايين ، ورواتب الوزراء من ( 12 ) مليون الى ( 8 ) ملايين وراتب من هو بدرجة وزير من ( 12 ) مليون الى ( 7 ) ملايين ووكيل الوزارة من ( 8 ) مليون الى ( 6 ) مليون والمدير العام من اربعة ملايين وربع الى ( 3,500,000 ) ثلاثة ملايين وخمسمائة الف دينار .
ثم الغت لمصلحة رئاسة الجمهورية قانون رواتب ومخصصات رئاسة الجمهورية رقم 26 لسنة 2011 بقرارها 19 / اتحادية – اعلام / 2013 في 6 / 5 / 2013 الذي خفض راتب رئيس الجمهورية من ( 75 ) مليون الى ( 12 ) مليون دينار وراتب نائبيه من ( 65 ) مليون دينار الى ( 10 ) ملايين دينار .
واجمالا فان الخزينة العامة تدفع فروقات رواتب لكبار الموظفين تصل لـ ( 40 ) مليار دينار سنويا ، وهذا يمثل فرق الرواتب فقط ، للموظفين بدرجة مدير عام فاعلى بسبب قرار المحكمة الاتحادية الموقرة ، في حين لا يكلف تقاعد كل اعضاء مجلس النواب ( 325 ) نائب مبلغا مقداره ( 20 ) مليار دينار سنويا ، وهذه لا تدفع من الخزينة العامة بل من صندوق التقاعد المنقطع الصلة بالخزينة العامة بخلاف فروقات الرواتب تدفعها الخزينة العامة من اموال الفقراء .
ان قرار المحكمة الاتحادية العليا الموقرة - الذي الغى القوانين التي بحت اصوات الشعب في المطالبة بها لسببين واهين هما :- 1- ان مجلس النواب ( فرق ) مشروع القانون الموحد للرواتب الى ثلاث قوانين الاول لرئاسة الجمهورية والثاني لمجلس الوزراء والثالث لمجلس النواب... فهل ترون كم هو السبب خطير جدا  جدا جدا ؟؟؟ 2-  لان مجلس النواب اجرى بعض التعديلات في المشروع الاصلي .
هذا القرار يخالف ابسط القواعد القانونية والدستورية وتضمن مخالفات كارثية لا يمكن ان تقع في قضاء الصومال ولا في قضاء دول الموز ولا البطيخ .. هي :-
1-      حكمت المحكمة بالغاء قانون رواتب مجلس الوزراء كله ، رغم ان المدعي ( وزير الخارجية ) طلب الغاء ثلاث مواد منه فقط في حدود رواتب موظفي السلك الدبلوماسي ، وهذا مخالف لابسط بديهية قضائية ،التي تمنع القضاء من الحكم باكثر مما طلبه المدعي ، لان القضاء مطلوب ولا يحكم من تلقاء نفسه . فلماذا حكمت المحكمة بالغاء القانون كله ؟؟؟؟ علامة استفهام كبيرة جدا .
2-      جواب السؤال اعلاه هو – ولا تستغربون من ذلك ابدا – انه حكم القضاة لانفسهم ، لان قضاة المحكمة مستفيدون من الغاء القانون لانهم يتقاضون راتب ومخصصات وزير ، وقد خفض القانون رواتبهم من ( 12 ) مليون الى ( 7 ) ملايين ، والغاءه سوف يعيدهم لتقاضي ( 12 ) مليون شهريا بدل ( 7 ) ملايين فقط مع الفروقات باثر رجعي .
3-      ان الغاء المحكمة الاتحادية للقانون الذي خفض رواتب قضاتها يتعارض مع ابسط قواعد مكافحة الفساد وهو منع تعارض المصالح التي تمنع من له مصلحة في القرار من اتخاذ القرار او المشاركة في اتخاذه ما دام يصب – في النهاية - في مصلحته ، فكيف تجاوزت اخطر محكمة في العراق قواعد التورط في الفساد وحكمت باصدار قرار يتمخض لمصلحة رئيسها واعضائها .
4-      ان رواتب الموظفين بدرجة مدير عام فاعلى - التي اعادت المحكمة الاتحادية العمل بها بالغاء القانونيين المذكورين - غير قانونية وغير دستورية لان الرواتب والمخصصات لا تمنح الا بقانون ، في حين ان تلك الرواتب تستند الى قرار من مجلس الوزراء واخر من رئاسة الجمهورية ، اذ حدد مجلس الوزراء رواتبه بمزاجه وفعلت رئاسة الجمهورية مثل ذلك ، في حين انهما لا يملكان هذه الصلاحية ، وهو فساد ظاهر لانه شكل من اشكال تعارض المصالح ولا اظن ان في العالم نظام يبيح للموظف تحديد راتبه بقرار منه . فكيف تسنى للمحكمة الاتحادية اقرار الرواتب المخالفة لابسط قواعد الدستور والقانون المبنية على فساد ظاهر . والغت القانون الصحيح الذي يحدد الرواتب لتلك الجهات من الجهة المختصة بتشريع القوانين وفقا للدستور .
5-      وكيف للمحكمة الاتحادية العليا – والتي يفترض انها الحامي للدستور وسيادة القانون - ان تصرف رواتب رئيسها وقضاتها على قرار صادر من جهة غير مختصة ( مجلس الوزراء ) ، هل يمكن ان يحدث هذا في القضاء الصومالي . والله اشك الف مرة في ذلك .
6-      تقول المحكمة الاتحادية العليا الموقرة بان سبب الغاء القانونيين هو ان مجلس النواب فرق مشروع القانون الموحدة لكل الرئاسات الذي رفعه مجلس الوزراء وجعلته ثلاث قوانين ، واجرت به بعض التعديلات ، وهذا مخالف للدستور ؟؟؟ وتلك نكتة كبرى .. لان الدستور جاء بثلاث نصوص توجب اصدار قانون هي ( المادة 63 - عن رواتب وامتيازات مجلس النواب ) و ( المادة 74 – عن رواتب ومخصصات رئيس الجهورية ) و ( المادة 82 – عن رواتب ومخصصات مجلس الوزراء ) ، فهل هناك شك في سلامة اجراء مجلس النواب في تفريق المشروع الى ثلاثة قوانين ؟ افتونا يرحمكم الله .
اما عن قول المحكمة المحترمة بان مجلس النواب اجرى تعديلات في المشروع ولا يحق له ذلك حسب الدستور في نظر المحكمة الموقرة ، فأني اسال ان كان مجلس النواب لا يحق له اجراء اي تعديل في مشاريع القوانين فماذا يفعل اذن ( اظنه تحول الى ناطور خضرة ) ، ولم يعد له اي دور او وظيفة .
هناك مقولة مشهورة للفقهاء الدستوريين الانكليز عن حجم صلاحيات وسلطات البرلمان لانكليزي التي لا حدود لها يقولون ( ان البرلمان الانكليزي بامكانه فعل كل شئ الا تحويل الرجل الى امرأة ) اما برلماننا فأنه – حسب قرارات المحكمة الاتحادية العليا - ( ليس بامكانه فعل شئ الا ارضاء رئيس مجلس الوزراء والتسبيح بحمده ليلا ونهارا )  .   
وهكذا فأن فأس الذي استعمل مجلس النواب لتخفيض الرواتب اعادته المحكمة الاتحادية العليا لتنزله على رأسه هو فقط ، لانه اصدر قوانين تخفيض الرواتب الثلاث ( رواتب الرئاسة ورواتب مجلس الوزراء وقانون رواتب مجلس النواب ) بناء على مطالبات المتظاهرين المطالبة بالغاء امتيازات كبار الموظفين وانقاص رواتبهم المبالغ بها ، الا ان انقاص  رواتب التنفيذيين الغيت بقرارين من المحكمة الاتحادية العليا ، وبقي قانون رواتب مجلس النواب الذي خفض راتب رئيس مجلس النواب من ( 65 ) مليون الى ( 12 ) مليون وراتب نائبيه من ( 60 ) مليون الى ( 10 ) ملايين وراتب ، وراتب النواب من ( 12 ) مليون الى ( 10 ) ملايين . اي ان تخفيض الرواتب الغي كله الا تخفيض رواتب مجلس النواب .
 لن اقول كم صرفت المحكمة الاتحادية فروقات رواتب لرئيسها وقضاتها وكلهم ( 9 قضاة فقط ) بسبب قرارها هذا ، لكني ادعو ( انور الحمداني ) في قناة البغدادية لسؤالهم عن ذلك ، لان منبره اصبح اداة الشعب لكشف ومحاكمة فضائح هذه الدولة التي استبدلت استبداد وظلم وجور منظم ، باستبداد وظلم وجور فوضوي .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق