الاثنين، 2 فبراير 2015


تشكيلات هيئة النزاهة
ووظيفة كل منها
القاضي
رحيم حسن العكيلي

 هيئة النزاهة احدى الهيئات الدستورية المستقلة اذ نصت عليها المادة ( 102 ) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 بقولها :- ( تعد المفوضية العليا لحقوق الانسان ، والمفوضية العليا المستقلة للانتحابات ، وهيئة النزاهة ، هيئات مستقلة ، تخضع لرقابة مجلس النواب وتنظم اعمالها بقانون ) .
 وتعد هيئة جزء من تشكيلات ( السلطات الاتحادية ) لان الدستور المذكور عالجها في الفصل الرابع الذي يحمل عنوان ( الهيئات المستقلة ) في الباب الثالث المسمى ( السلطات الاتحادية ) .
وكانت الهيئة قد اسست بموجب امر سلطة الائتلاف المؤقتتة المنحلة رقم ( 55 ) لسنة 2004 والقانون النظامي الملحق به الصادر عن مجلس الحكم المنحل ، وسميت في الامر والقانون المذكورين بـ ( مفوضية النزاهة العامة ) ، و قد شكلت فعليا في نهاية حزيران من عام 2004 ، وقد غير الدستور اسمها الى ( هيئة النزاهة ) .
وقد وضع القانون النظامي المؤسس لهيئة  النزاهة  الملحق بالأمر (55) لسنة (2004) هدفا لها وهو (مكافحة الفساد) ، وحدد لها الوسائل التي تحقق بها ذلك الهدف ، وهي:-
1.    التحقيق في قضايا الفساد.
2.    خلق ثقافة نزاهة وشفافية وخضوع للاستجواب.
3.    اقتراح تشريعات تصمم للقضاء على الفساد.
4.    إلزام القادة العراقيين بالإفصاح عن مصالحهم المالية.
5.    إصدار اللوائح التنظيمية التي يجيزها القانون.
6.    أي عمل تراه الهيئة ضروريا ومناسبا لتحقيق أهدافها.
وفي ضوء هذه الوسائل شكل القانون دوائر الهيئة لتكون تحت إشراف وتوجيه وإدارة رئيسها ، وقد نظم القسم (5) من القانون النظامي المؤسس للهيئة ذلك فجعل لها رئيسا يساعده نائب واحد وستة من المدراء بالتفصيل الأتي :
1.  رئيس الهيئة :- وهو المسؤول الأول فيها ، يعينه (المسؤول التنفيذي الرئيسي في العراق) من بين ثلاثة مرشحين يختارهم مجلس القضاء ، على أن تقر (الهيئة التشريعية الوطنية) هذا التعيين بأغلبية الأصوات فيها ، إلا رئيس الهيئة الأول فانه يعين بقرار من المدير الاداري لسلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة بترشيح من مجلس الحكم ليتولى الفترة الرئاسية الأولى .
ولم يشترط القانون في المرشح لرئاسة الهيئة سوى أن يكون متسما بأسمى معايير السلوك الأخلاقي والتحلي بسمعة النزاهة والأمانة فقط فلم يوجب القانون أن يكون رئيس الهيئة خاملا لشهادة معينة ، ولم يشترط فيه اختصاص معين ، ولم يوجب أن يتوفر فيه أي صفة أو شرط سوى ما ذكرناه أنفا ، لذا يجوز أن يكون رئيس الهيئة من حملة الشهادات الجامعية آو غيرها ، ويجوز إن يكون من القانونيين أو التربويين أو الإعلاميين أو غيرها من الاختصاصات ، إلا انه طبقا للقواعد العامة ينبغي أن تتوفر فيه شروط تولي الوظائف العامة وفقا لما نص عليه القانون.
وفي ضوء هدف الهيئة ووسائلها التي نص عليها القانون فإننا نرجح وجوب أن يكون رئيس الهيئة من المختصين في الميادين المتعلقة بعملها ، وهي ميدان القانون وميدان التربية والتعليم والثقافة والإعلام ، إذ إن لوسائل الهيئة جانب قانوني وجانب تثقيفي وتربوي وإعلامي لابد من مراعاتها حين النظر في ترشيح رئيس الهيئة أو تعيينه.
ويتولى رئيس الهيئة المعين رئاستها لخمس سنوات ، ولا يجوز لشخص واحد الاحتفاظ برئاستها لأكثر من فترتين سواء كانت هاتان الفترتان متتاليتين أو غير متتاليتين. ويقصد بـ(المسؤول التنفيذي الرئيسي في العراق) الذي يتولى تعيين رئيس الهيئة (رئيس الوزراء) طبقا لما نص عليه البند (11) من القسم (2) من أمر سلطة الائتلاف المؤقتة المنحلة رقم (100) لسنة (2004) (أمر انتقال القوانين واللوائح التنظيمية والأوامر والتوجيهات الصادرة من سلطة الائتلاف المؤقتة) الذي نص (تشير المصطلحات الدالة (الرئيس التنفيذي) و (رئيس حكومة العراق) و ( رئيس حكومة العراق التي تمارس سلطة القيادة الوطنية) الى (رئيس الوزراء) في الحكومات المؤقتة والانتقالية ، والمناصب المعادل لها في حكومة العراق المنتخبة وفقا للدستور الدائم ..).
وقد نظم البند (1) من القسم (5) من القانون النظامي المؤسس للهيئة طريقة إقالة رئيسها ، فأجاز إقالته من منصبه بموافقة ثلثي أعضاء الهيئة التشريعية الوطنية لأحد الأسباب الآتية :-
أ‌.        عدم الكفاءة.
ب‌.  إساءة التصرف على نحو خطير سواء كان ذلك بصفته الرسمية أو الشخصية.
ت‌.  التقصير في تأدية مهامه.
ث‌.  إساءة استخدام المنصب.
وقد سهى القانون عن تحديد درجة رئيس الهيئة ، وقد عدته الاجتهادات بدرجة وزير ومنح جميع حقوقه ، واقرت له صلاحيات واختصاصات الوزراء .
وأشار البند (2) من القسم (5) من القانون الى وظائفه وصلاحياته ، وهي :-
أ‌.        إجازة وإدارة وضبط جميع عمليات الهيئة ، وضمان تأديتها لواجباتها ضمن القانون.
ب‌.  اقتراح ميزانيتها والموافقة على مصروفاتها.
ت‌. توظيف وطرد وتأديب موظفيها وفقا لقواعد السلوك مالم ينص القانون على خلاف ذلك و تحديد تدريب الموظفين ومؤهلاتهم.
ث‌. إصدار اللوائح التنظيمية المتعلقة بالكشف عن المصالح المالية وفقا للتوجيهات الواردة في القانون النظامي ، واقرار قواعد الإجراءات المتعلقة باستلام مزاعم الفساد والتحقيق فيها وضمان الانصياع لها.
ج‌.  إصدار التعديلات على قواعد السلوك التي يجب أن يلتزم بها موظفو الحكومة المتعلقة بتوضيح معايير السلوك الأخلاقي والمساعدة في ضمان الانصياع لها.
وأجاز القانون له تفويض مرؤوسيه في الهيئة بعض صلاحياته لتنفيذ مهامه المشار إليها.
2.  نائب رئيس الهيئة :- نص البند (3) من القسم (5) على أن يكون للهيئة نائب واحد ، يكون بموجب نص البند (4) من القسم المذكور المساعد الرئيسي لرئيسها ، ويتولى تنفيذ مهام وظيفته تحت إمرته وإدارته وتوجيهاته ، وهو يقوم بعمله وممارسة جميع الصلاحيات والسلطات والمسؤوليات والمهام المرتبطة برئاسة الهيئة في حالة عجز رئيسها عن ممارسة مهامه. ولم يحدد القانون أي شروط أو صفات فيمن يعين نائبا لرئيس الهيئة ، وترك لسلطة تعيينه وهو رئيس الهيئة حرية الاختيار المطلقة سوى ما تفرضه القواعد العامة من توفر شروط تولي الوظائف العامة ، ونرى انه من المناسب أن يكون نائب رئيس الهيئة من الاختصاصات المتعلقة بوسائل الهيئة وهي القانون أو التربية والتعليم والإعلام ، فإذا كان رئيس الهيئة من القانونيين فمن المناسب أن يكون نائبه من التربويين أو الإعلاميين.
ولم يحدد القانون درجة نائب الرئيس ، وقد عدته الاجتهادات موظف بدرجة وكيل وزارة  قياسا على عد رئيس الهيئة بدرجة وزير ومنح جميع حقوق تلك الدرجة.
3.  دائرة التحقيقات :- وهي أولى الدوائر التي أشار إليها القانون مهمتها بالدرجة الأولى هي (كشف الفساد في الحكومة العراقية ، والتحقيق فيها) يرأسها موظف بدرجة (مدير) يكون مسؤولا عن وضع إجراءات استلام مزاعم الفساد والتحقيق فيها ، بما فيها المزاعم المغفلة.
 ولم يشترط القانون أي شروط أو صفات بمدير دائرة التحقيقات، إنما ترك لجهة تعيينه          (رئيس الهيئة ) الحرية الكاملة في الاختيار.
4.  دائرة الشؤون القانونية : وهي الدائرة الثانية التي عالجها القانون في البند (6) من القسم (5) من القانون النظامي وأناط بها :
أ‌.        مساعدة رئيس الهيئة ونصحه بغية ضمان الامتثال للقانون العراقي.
ب‌.  تقديم الاقتراحات بشان التشريعات التي ترفعها الهيئة الى هيئة التشريع الوطنية
ويرأس هذه الدائرة (مدير) يعينه رئيس الهيئة ولم يشترط فيه القانون أي شرط أو صفة.
5.  دائرة الوقاية :- يرأسها موظف بدرجة (مدير) يعينه رئيس الهيئة ، مسؤوليته بالدرجة الأولى مساعدته لوضع لائحة الكشف عن المصالح المالية والنص المنقح لقواعد سلوك وأخلاقيات الخدمة العامة وضمان الانصياع لهما.
6.  دائرة التعليم والعلاقات العامة :- يرأسها موظف بدرجة (مدير) يعينه رئيس الهيئة ، مهمتها توفير برامج عامة للتثقيف والتوعية لموظفي الحكومة والشعب العراقي لتنمية ثقافة النزاهة والاستقامة والشفافية والخضوع للمحاسبة والتعامل المنصف في الخدمات العامة والعمل على وضع مناهج دراسية وطنية لتعزيز مفهوم النزاهة العامة ، كما تتولى تثقيف المسؤولين العموميين وموظفي الحكومة والجمهور حول المبادئ الأخلاقية للخدمة العامة وقواعد السلوك والإجراءات المطبقة على موظفي الحكومة بخصوص الكشف عن المصالح المالية وله في سبيل ذلك العمل مع وزارة التعليم والمسؤولين العاملين في مؤسسات التعليم الرسمية ، والقيام بالدراسات والتدريبات والحملات الإعلامية أو المؤتمرات أو الندوات أو ما يشابه ذلك من نشاطات أخرى لتعزيز نشاط التعليم والعلاقات العامة.
وبالنظر للدور الكبير لهذه الدائرة البالغة الأهمية في تحقيق هدف الهيئة في مكافحة الفساد فان البند (8) من القسم (5) من القانون النظامي أعطى مدير هذه الدائرة دون باقي مدراء الدوائر في الهيئة سلطة تعيين (المستشارين) تعزيزا لنشاط هذه الدائرة.
7.  دائرة العلاقات مع المنظمات غير الحكومية:- وهي الدائرة الخامسة التي عالجها القانون ومهمتها العمل مع المنظمات غير الحكومية لتعزيز ثقافة السلوك الأخلاقي في القطاعين العام والخاص ، ووسائلها في تحقيق ذلك هي :
أ‌.        تطوير ونشر المواد.
ب‌.  إدارة برامج التدريب.
ت‌.  ممارسة نشاط الاتصال بالجمهور عبر أجهزة الإعلام.
ث‌.  تقوم بإعمال أخرى مناسبة لتعزيز هذا النشاط.
ويرأس هذه الدائرة كسواها من دوائر الهيئة موظف بدرجة (مدير) يعينه رئيس الهيئة.
8.  الدائرة الإدارية : وهي الدائرة السادسة والأخيرة التي عالجها القانون وهي الدائرة الوحيدة التي لا علاقة لها بوسائل الهيئة في تحقيق هدفها بمكافحة الفساد ، ولكنها الدائرة المعنية بتقديم الخدمات الإدارية والمالية لباقي دوائر الهيئة ، فهي مسؤولة عن شؤون إدارة مكتب الهيئة وموظفيها ومواردها البشرية يرأسها موظف بدرجة (مدير) يعينه رئيس الهيئة.
ويعمل جميع مدراء دوائر الهيئة كنائب رئيسها ويتولون تنفيذ مهام وظائفهم تحت إمرة وتوجيهات وإدارة رئيس الهيئة طبقا لما ينص عليه البند (3) من القسم (5) من القانون النظامي المؤسس للهيئة.
وجدير بالملاحظة أن القانون نظم تشكيلات الهيئة في ضوء الوسائل الستة التي ألزمها القانون باعتمادها في تحقيق هدفها ، إذ أناط بكل واحدة من دوائر الهيئة الستة إحدى هذه الوسائل سوى وسيلة خلق ثقافة النزاهة والشفافية والخضوع للاستجواب وتغيير اخلاقيات الوظيفة العامة فقد أناطها بدائرتين هما التعليم والعلاقات العامة ودائرة العلاقات مع المنظمات غير الحكومية ، وترك الوسيلة السادسة وهي (القيام بأي عمل تراه المفوضية ضروريا ومناسبا لتحقيق أهدافها) دون أن يودعها لدائرة بعينها لعمومية هذه الوسيلة وعدم إمكانية تحديد أوصافها وملامحها بشكل يغني في إيداعها الى دائرة ما ، وهي وسيلة تخضع لاجتهاد وقناعة رئيس الهيئة بشرطين اثنين لابد من توفرهما :
الأول : أن يكون العمل ضروريا لتحقيق أهداف الهيئة.
الثاني : أن يكون مناسبا في ذلك.
وينبغي بالهيئة الالتزام بالسعي لتحقيق هدفها في مكافحة الفساد بالوسائل التي عينها القانون لها لتحقيقه ، والالتزام بعدم تجاوزها. كما ينبغي بها احترام القوانين العراقية ومراعاة الالتزام الصارم بها طبقا لما نص عليه البند (11) من القسم (4) من القانون النظامي المؤس لها التي نصت :- (تراعي المفوضية عند تنفيذ جميع عملياتها الالتزام الصارم بالإجراءات القانونية المتعارف عليها وتضمن المحافظة عليها والانصياع لها) ، كما نص على نفس الحكم البند (6) من القسم (5) من نفس القانون بقوله :- (يساعد مدير الشؤون القانونية رئيس المفوضية وينصحه بغية ضمان الامتثال للقانون العراقي ...).


القاضي
رحيم حسن العگيلي

  





ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق