الاثنين، 2 فبراير 2015

واقع القضاء وافاق اصلاحه ( 4 )
قيم التجسس في القضاء
                                                                                          رحيم حسن العكيلي
يصف استاذنا المرحوم القاضي ضياء شيث خطاب حال القضاء - في نهاية التسعينيات - في احد محاضراته في المعهد القضائي فيقول :- لقد تغير القضاء ،،، اذ كان رئيس الاستئناف مثل الاب للقضاة ، فاذا تواترت الاخبار لديه عن سلوك منحرف  لاحد القضاة ارسل بطلبه بكل ادب واحترام وتقدير فاجتهد في نصحه ، فاذا تكرر الامر ارسله اليه مرة اخرى وذكره ودعاه لتجنب الامر ، فاذا تكرر دعاه فنبهه بانها المرة الاخيرة لتجاوز الامر ، فاذا استمر القاضي في غيه دعاه للمرة الرابعة بنفس الادب والاحترام والتقدير وعرض عليه كل ما توفر ضده ، ثم اعطاه ورقة وقلم ليكتب طلب احالته على التقاعد معززا مكرما . ويقول – والكلام لازال لاستاذنا الخطاب – اما الان فأن رئيس الاستئناف يقف خلف شباك القاضي الذي يكرهه  ليتصيد هفواته ليكتبه به ويكسر ظهره.
لقد مات استاذنا الخطاب قبل ان يحضر بنفسه كيف تطورت الجاسوسية القضائية  ، اذ اصبح بعض القضاة - الذين عينوا بترشيح الاحزاب اوبالواسطات اوبدفاتر الدولارات - يجلسون مع زملائهم ويسجلون بموبالاتهم ما يقولوه في نقد الرؤوساء القضائيين او اي نقد او تذمر من وضع القضاء وانهيار قيمه وانحدار شجاعته وفقدان استقلاله... وينقلوه الى رؤوساء الاستئناف او الاشراف القضائي او رئيس مجلس القضاء من اجل التزلف والنفاق والتسلق على اكتاف الاخرين .
اما انا فأن احد زملائي – ممن جندته السلطة للتجسس ضدي بوعد احلاله محلي - فأنه كان يسجل انتقاداتي الحادة لاحد اكبر المسؤولين السابقين في الدولة حينما يزورني في داري ، ويذهب به في اليوم التالي اليه ، وكان بعض المقربين من السلطة يحدثونني بذلك فاكذبه لاني لم اكن اتصور بان قاضيا قد يفعل ذلك ، حتى اكتشفت الحقيقة لاحقا ، واكتشفت بان ذلك اضحى امرا عاديا في القضاء .
اما الوقوف خلف شبابيك القضاة المعارضين فقد تركه رؤساء الاستئناف والمشرفين العدليين ، لانه طريقة قديمة ، وتعد شريفة جدا ، لانها تبحث عن خطأ حقيقي يقع به القاضي المعارض ، اما الان فان الامر لا يحتاج للوقوف خلف شباك القاضي المعارض لان الجواسيس من القضاة وغيرهم ينقلون مواقف القضاة من الادارة الحالية ليفرز المعارض من الموالي .
فاما الموالين فانهم من اصحاب اليمين ولو كانوا فاسدين واميين ، ما داموا يطعيون الاوامر التي تصدر اليهم من الممسكين بالنفوذ في السلطة القضائية ولو كانت بحرف القانون والتأمر على الناس ، او بمنح صكوك البراءة للمجرمين والفاسدين والافاقين .
اما المعارضين فلهم الويل والثبور ، ويستخدم النقل الى امكان بعيدة او التعويم بتنسيبهم الى الادعاء العام كوسائل ناجعة لعقابهم واسكاتهم واذلالهم واخضاعهم وجعلهم عبرة لكل من يتجرأ على معارضة سلطة المعالي ، فان تجرأ وتنفس منهم احد فاعترض او رفع صوته ، فحين ذاك تلفق له التهم والمخالفات الانضباطية - دونما حاجة لارسال احد للوقوق خلف شباكه  - فتلفيق التهم وكسر الرقاب وقطع الارزاق هي انجع الوسائل التي تستخدم ضد القضاة المعارضين او اللذين يرفضون اطاعة الاوامر لحرف القانون وتلويث العدالة .
تلك هي القيم المنحرفة التي تتحكم بالقضاء اليوم وتدير كفة شؤون العدالة ، والويل والثبور لمن انتقد او اعترض .
ان المملكة التي انشئت في العراق باسم ( استقلال القضاء / ذلك الوهم المخادع) هي مملكة مظلمة صغيرة تدار بنفس اسلوب صدام في اخضاع الشعب قبل عام 2003 , وان الذي يدير كل ذلك في ( المملكة القضائية المستقلة ) هو الرجل الذي علم صدام اساليب اذلال واخضاع الشعب بمحاربته برزقه واستخدام القانون ضده ووشوم جباه ابنائه وقطع اذانهم ، فتعسا وخزي لكل المطالبين – كذبا ونفاقا - باجتثاث البعثيين وابقاء زعيمهم الذي علمهم السحر .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق