الاثنين، 2 فبراير 2015

حكم الدستور في موازنات القتل
                                                                                                             القاضي
                                                                                                        رحيم حسن العكيلي
تبنت احد الكتل السياسية المحترمة - حسبما ورد على لسان احد قيادتها – نهج يقول بوجوب قتل سبعة من السنة اذا ما قتل سبعة من الشيعة ، ولاشك ان الشيعة السبعة – المفترضين - قتلوا ظلما وطغيانا وخارج اطار القانون ، ولكن ما ذنب السنة السبعة ليقتلوا ، ومن ينفذ فيهم حكم القتل ؟ هل الحكومة من تقوم بقتلهم بمعرفة الملثمين ذوي البدلات السوداء ؟ ام بتعليقهم في المشانق - بحكم يصدره قضاة مغلوبون على امرهم - بعد خلع اكتافهم وادخال االعصي في موخراتهم وسومهم سوء العذاب لبعترفوا بجرائم ارتكبوها او لم يرتكبوها ... لا فرق ابدا ؟
وتلك طريقين لقتل سبعة سنة في مقابل سبعة شيعة ، لكن لم يكن واضحا فيما اذا نحتاج – ايضا - لقتل سبعة من الشيعة  ، اذا ما قتل سبعة من السنة ؟
فأذا رضي الشيعة بالمعادلة الاولى – ولا اظن فيهم من يرضى -  فهل يرضون بقتل ابنائهم الابرياء لان سبعة سنة ظلموا فقتلوا من مجرمين وافاقين ؟
واذا قتل سبعة من الاكراد فهل نقتل سبعة من العرب ، وكم سيكون منهم من العرب الشيعة وكم منهم من العرب السنة ، فهل سنقتل ( 5 ) شيعة و ( 2 ) سنة وفقا للنسبة المعمول بها سياسيا ؟
انا  ارجح بان الفتوى ستكون ان نقتل سبعة من العرب السنة في مقابل سبعة من الاكراد ، لان الاكراد سنة ، وفقا لقاعدة الجاهلية ( لوالد هند اكلة الاكباد ) بتبني النظائر من نفس القوم  .
ان الدعوة الحادة  لتبني موازنات القتل في دولة يحكمها الفشل وتقودها الملشيات وعصابات القتل والسرقة وهي منهارة امنيا وسياسيا واقتصاديا ، انما هو خطر محدق بالوحدة الوطنية ، وتحدي شديد الاثر لسلامة النسيج الاجتماعي المتلون في العراق ، ويعد ذلك - من وجهة نظر قانونية بحتة - نوع من انواع  الترويج للكراهية والقتل والتحريض على الاقتتال الطائفي ،ويحكمه نص المادة ( 7 / اولا ) من الدستور العراقي النافذ التي يظن البعض – خطأ - بانها خاصة بحظر ( البعدث الصدامي في العراق ) لان الحقيقة هي ان ( البعث الصدامي ) هو مثال واحد للنهج التي منعه الدستور بالمادة المذكور ، اذ تقول :- ( يحظر كل كيان او نهج يتبنى العنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يحرض او يمهد او يمجد او يروج او يبرر له ، وبخاصة البعث الصدامي في العراق ورموزه وتحت اي مسمى كان ، ولا يجوز ان يكون ذلك ضمن التعددية السياسية في العراق ... ) .
فالنص حظر في العراق اي :- 1- كيان .2- نهج ، بشرط وحيد هو ان يتبني احد الامور الاتية :-
1-     العنصرية . 2- الارهاب . 3-التكفير . 4- التطهير الطائفي . 5- التحريض او التمهيد او الترويج او التمجيد او التبرير للعنصرية او الارهاب او التكفير او التطهير الطائفي .
وضرب مثالا لذلك هو ( حزب البعث الصدامي في العراق ) .ثم منع ان يكون ضمن التعددية السياسية في العراق .
فهل هناك شك بان الكتلة التي تبنت نهج الموازنة في القتل مشمولة بحكم المادة ( 7 / اولا ) من الدستور مثلها مثل حزب البعث الصدامي لانها حرضت ومهدت ومجدت وبررت للارهاب والقتل والتطهير الطائفي بصورة معلنة صريحة لا لبس فيها ولا شك .
وفي النهاية فان الدعوة لموازنات القتل نوع من انواع التشجيع على الارهاب والقتل بدوافع طائفية ، وفقا للوصف الوارد في المادة ( 2 ) من قانون مكافحة الارهاب رقم 13 لسنة 2005 .
وتلك دعوة لرئيس لادعاء العام لتحريك الشكوى الجزائية بشأن ذلك وفق المادة ( 4 ) من القانون المذكور . لكني مطمئن وواثق بانهم لن يفعلوا ابدا ما دامت السلطة والنفوذ بيد من ارتكب ذلك الفعل الشنيع ، ولكنهم سوف يفعلون فيحركون الشكوى ويصدرون اوامر القبض حال فقدانهم السلطة .

لان اصحاب السلطة اعلى من القانون في العراق ، فاذا فقدوا السلطة ، نزلوا ، لكن ليس ليكونوا تحت حكم القانون ، بل ينزلون ليكونوا تحت حكم الظلم والجور ، لانهم حين ذاك سينزلون ليحكم عليهم وفق امزجة واردة صاحب السلطة الجديد ، وهذا ما حصل في العراق منذ زمن بعيد ولا زال يحصل وسوف يستمر  الى ان يضمن تطبيق سيادة القانون واستقلال القضاء وتكون المحاكم هي السلطة الحاكمة القوية التي يفر اليها الناس ، ولا يفرون منه - كما هو حاصل حاليا - بسبب ارادة منحرفة ظلمت القضاة واذلتهم واخضعت بعضهم – مجبرين - لارادة السلطان ، يأتمرون باوامره ، ويستهدفون مناوئيه ، ويلون الدستور والقانون لمصلحته . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق