الاثنين، 2 فبراير 2015

الفرق بين رواتب الفقراء والامراء
في قانون التقاعد الموحد
                                                                                           القاضي
                                                                                           رحيم حسن العكيلي
  وضع قانون التقاعد الموحد الذي اقره مجلس النواب قبل ايام بتاريخ 3 / 2 / 2014 قاعدتين لاحتساب الرواتب التقاعدية ،  القاعدة الاولى في المادة ( 21 ) والتي تحسب بموجبها الرواتب التقاعدية للرعية من صغار الموظفين ( طبقة الفقراء ) ، والقاعدة الثانية جاءت بها المادة ( 37 ) منه لاحتساب الرواتب التقاعدية لعلية القوم من كبار موظفي الدولة من مدير عام صعودا الى رئيس الجمهورية  مرورا بالنواب والوزراء ورئيس مجلس الوزراء وغيرهم من طبقة  (الامراء ) .
ويمكن تلمس الفروق التالية بين القاعدتين :-
1-   احتساب المخصصات :- يستحق الامراء رواتبهم التقاعدية عن ( الراتب الاجمالي ) وهو مجموع الراتب الاسمي والمخصصات ، اما الفقراء فيستحون رواتبهم التقاعدية عن الراتب الاسمي فقط ، وهذا ( اي الراتب الاسمي ) قد يقل عن النصف او اكثر في احيان كثيرة عن مقدار الراتب الاجمالي . والغريب ان رواتب الفقراء هي الاقل قياسا الى رواتب الامراء ،وكان يتوجب اقرارا بالعدالة ان تكون القاعدة معكوسة بان تحتسب رواتب الفقراء عن الراتب الاجمالي لقلتها ، وان تحسب رواتب الامراء عن الراتب الاسمي للمبالغة في مقدارها . لكن عدالة الطبقة السياسية رأت ان تزيد من ثراء الاثرياء وتزيد من فقر الفقراء .
2-   معدل الراتب :- رواتب الامراء تحتسب على اساس اخر راتب ومخصصات تقاضاه الامير ، اما رواتب الفقراء فلا تحتسب على اخر راتب تقاضوه ، بل يكون عن معدل راتبه الاسمي لاخر ( 36 ) شهر ، اي ان للفقير حساب شديد ، وبالفلس ، ويكون عن طريق جمع رواتبه الاسمية للثلاث سنوات الاخيرة وتقسيمها على ( 36 ) ويكون الناتج هو معدل راتبه الذي يحسب على اساسه الراتب التقاعدي ، اما الامراء فيعفون من ذلك ، فيحتسب لهم الراتب التقاعدي على اساس اخر راتب مع المخصصات ولا حاجة لازعاجهم باستخراج معدل الراتب مثلما يفعل بالفقراء .
3-    ربع الراتب :- رغم المبالغة في مقدار رواتب الامراء ، فان قانون التقاعد يحتسب لهم بلا مبرر قانوني ربع الراتب الاجمالي كجزء اولي من الراتب التقاعدي ، فمن كان راتبه الاجمالي اربعة ملايين فيكون له استحاق اولي تقاعدي مقداره الربع ومقداره مليون دينار ، ومن ثم يزاد بمقدار ( اثنان ونصف ) من الراتب الاجمالي عن كل سنة ، اما الفقراء فلا يحتسب لهم الربع نهائيا ، فليس لهم الا حقهم بموجب معادلة عدد السنوات مضروبا في ( 2,5 ) فقط مضروبا في معدل الراتب لـ ( 36 ) شهر ولا يحتسب لهم ربع الراتب مثلما يفعل مع الامراء .
4-   مدة الخدمة :- لا يستحق الفقراء راتب تقاعدي الا اذا كانت لديهم خدمة لا تقل عن ( 15 ) سنة وان لا يقل اعمارهم عن ( 50 ) سنة او في حالات الوفاة والاستشهاد والاسباب الصحية ، اما الامراء فمعفون من ذلك كله ، فلو كان لاحدهم خدمة يوم واحد يستحق راتب تقاعدي . وهذا يعني امكانية تعيين احدهم في منصب مدير عام فاعلى ليوم واحد من اجل منحه راتب تقاعدي . وهذا ما حصل فعلا في حالات معروفة .
تلك الفروقات الاربعة يتفاقم اثرها في اعدام العدالة الاجتماعية وحسن توزيع الثروة حينما ينظر لحجم الفروقات غير المنطقية بين رواتب كبار موظفي الدولة وبين رواتب صغار الموظفين ، التي قد تصل الى ( 30 ) ضعفا .
ومن الخطأ الظن بان المشكلة هي ( فقط ) في القاعدة التي جاء بها القانون الجديد لتحديد الرواتب التقاعدية لكبار الموظفين لان تلك نظرة قاصرة ومتجزئة للموضوع .
نعم ، ان تلك القاعدة قاعدة ظالمة ومحجفة ، وتصب في مصلحة كبار الموظفين على حساب صغارهم ، ولابد من الغائها واخضاع كبار الموظفين لنفس القواعد الموضوعية التي يخضع لها صغارهم  ، لكن المشكلة الاساسية تمكن في عدم اعتماد معايير العدالة في توزيع المداخيل في كل اصنافها بضمنها  تحديد رواتب الموظفين في الخدمة واحكام وقواعد استحقاق الراتب التقاعدي لهم بعد انتهاء خدماتهم .
ولنا عودة للحديث في معايير العدالة في توزيع المداخيل والثرورة ، وكيف يتم تطبيقها .
                                                                                                        القاضي

                                                                                                رحيم حسن العكيلي

هناك تعليق واحد: