كوردستان تجرم الكسب غير المشروع
القاضي
رحيم حسن العكيلي
اعتبر قانون هيئة نزاهة اقليم كوردستان رقم ( 3 ) لسنة 2004
في المادة الرابعة عشرة منه ( كسبا غير مشروع ) :- ( كل مال حصل عليه احد الخاضعين لاحكامه -
لنفسه او لغيره - بسبب استغلال الوظيفة العامة او التكليف العام او الصفة او نتيجة
لسلوك مخالف لنص قانوني ) .
وعرف البند ( ثانيا ) من المادة ( الرابعة عشرة ) من القانون
( الاستغلال الذي يحقق الكسب غير المشروع ) بأنه :- ( كل زيادة في الثروة تطرأ بعد
تولي الوظيفة العامة او التكليف العام او قيام الصفة على الخاضع لاحكام هذا
القانون او على زوجه او اولاده القصر متى كانت لا تتناسب مع مواردهم وعجزوا عن
اثبات مصدر مشروع لها .) . كما عد البند ( ثالثا ) من المادة ذاتها شكلا من اشكال
الكسب غير المشروع حيازة اموال عامة باي صفة بقول النص :- ( يسري حكم الفقرة (
ثانيا ) من هذه المادة على اي شخص يحوز باي صفة اموالا عامة مصدرها كسبا غير مشروع
) .
وتضمن هذا النص مبادئ هامة :-
1-
انه وسع من اطار ( جريمة الكسب غير المشروع ) توسعا
كبيرا من حيث صورها ومن حيث الاشخاص المشمولين بها ، الى حد شمول كل من حاز امولا
عامة مصدرها كسبا غير مشروع .
2-
انه اعتد باي ( زياة في الثروة ) مهما كانت قيمتها، وهذا
اوسع مما دعت اليه اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد في المادة ( 20 ) منها
التي اعتدت ( بالزيادة الكبيرة ) وليس مطلق ( الزيادة ) وهو عيب صياغي خطير لابد
من معالجته بتعديله .
3-
شملت احكام النص الكوردستاني كل الموظفين واصحاب المناصب
في السلطات الثلاث التقليدية ( التشريعية والتنفيذية والقضائية ) ، كما شملت القطاع
الخاص المتعاقد مع القطاع العام والتنظيمات السياسية والمجتمع المدني والمنظمات
غير الحكومية والدولية العاملة في الاقليم ، في حين اقتصر الامر في الاتفاقية على
الموظف العمومي فقط .
4-
ا عتد النص الكوردستاني بالزيادة سواء ظهرت في اموال
المشمول باحكامه او اموال زوجه او اولاده القاصرين ، في حين اكتفت الاتفاقية
بالزيادة الكبيرة في موجودات الموظف فقط .
5-
نقل النص الكوردستاني عبء الاثبات على ( المتهم بالكسب
غير المشروع ) فيما يتعلق باثبات مشروعية مصادر الزيادة في ثروته او ثروة زوجه او
اولاده القصر . وبطريقة مشابه لما اخذت به المادة ( 20 ) من الاتفاقية ، باختلاف
واحد ، هو ان الاتفاقية استعملت عبارة ( لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة قياسا الى
دخله المشروع ) في حين استعمل النص الكوردستاني عبارة اضيق واكثر تحديد بقوله :- (
.. عجزوا عن اثبات مصدر مشروع لها ) . فالنص الكوردستاني حصرها باثبات ( مصدر
مشروع ) فلا ينقذ المتهم بالكسب غير المشروع – وفقا للنص الكوردستاني – الا اثبات
مصادر مشروعة ، اما النص الدولي فانه يوسع النص اكثر للمتهم فيعطيه فرصة انقاذ
نفسه عن طريق تقديم ( تعليل معقول )، بضمنه ان يكون التعليل مصدر مشروعا ولكنه قد
يكون شئ اخر .
ويبدو ان القانون الكوردستاني – وفق ما هو ملاحظ من
توسيعه نطاق المشمولين بالكسب غير المشروع – قطع الصلة بين نظام الكشف عن المصالح
المالية وبين نظام الكسب غير المشروع الا في حدود عملية تطبيقة ضيقة جدا ، لانه لم
يربط بين تجريم الكسب غير المشروع وبين المكلفين بتقديم كشف الذمة المالية مثلما
فعل قانون هيئة النزاهة الاتحادي النافذ رقم ( 30 ) لسنة 2011 الذي لم يجرم الكسب
غير المشروع الا بالنسبة للمكلفين بتقديم تقرير كشف الذمة المالية فقط طبقا للمادة
( 18 ) منه التي نصت :- ( كل زيادة في اموال المكلف بتقديم تقرير الكشف عن الذمة
المالية او اموال زوجه او اولاده التابعين له لا يتناسب مع مواردهم العادية يعد
كسبا غير مشروع ما لم يثبت المكلف انه قد تم كسبه من مصادر مشروعة . ) .
فالنص الكوردستاني اوسع من النص الاتحادي فيما يتعلق
بالكسب غير المشروع من جهتين :-
1-
من جهة المشمولين بالكسب غير المشروع :- فالقانون
الكوردستاني شمل كل الخاضعين لاحكامه بالكسب غير المشروع ولم يكتف بحصره بالمشولين
بتقديم كشف المصالح المالية ، اما القانون الاتحادي فحصره بالمكلفين بتقديم كشف
الذمة المالية فقط .
2-
من جهة صور الكسب غير المشروع :- فقد جرم القانون
الاتحادي النافذ صورة واحدة للكسب غير المشروع هي ظهور زيادة في اموال المكلف
بتقديم كشف الذمة المالية يعجز عن اثبات مصادر مشروعة لها ، وهو ما يتطابق مع نص
المادة ( 20 ) من الاتفاقية ، في حين وسع القانون الكوردستاني جريمة الكسب غير
المشروع لتشمل – اضافة الى الزيادة في الثروة – صور اخرى تضمنتها عبارة اوسع نطاقا
، الى حدود استيعابها الى كل صور الفساد ، هي قول النص الكوردستاني ( الحصول على
مال - لنفس المشمول او غيره - بسبب استغلال الوظيفة العامة او التكليف العام او
الصفة او نتيجة لسلوك مخالف لنص قانوني ) .
القاضي
رحيم حسن العكيلي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق