نظرة نقدية في قانون الاتجار بالبشر العراقي
القاضي
رحيم حسن العكيلي
صدر في العراق قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 28 لسنة
2012 الذي يهدف - حسب ما ورد باسبابه
الموجبة - الى :- مكافحة جريمة الاتجار
بالبشر والحد من انتشارها واثارها ، ومعاقبة مرتكبيها ، باعتبارها فعل خطير ، يهين
الكرامة الانسانية ، وبغية وضع الاليات التي تكفل مساعدة ضحايا الاتجار بالبشر .
وعرفت المادة ( 1 / اولا ) من القانون ( الاتجار بالبشر
) بقولها :- ( يقصد بالاتجار بالبشر لاغراض هذا القانون تجنيد اشخاص او نقلهم او
ايوائهم او استقبالهم بوساطة التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال
القسر او الاختطاف او الخداع او استغلال السلطة او باعطاء او تلقي مبالغ مالية او
مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة او ولاية على شخص اخر بهدف بيعهم او استغلالهم في
اعمال الدعارة او الاستغلال الجنسي او السخرة او العمل القسري او الاسترقاق او
التسول او المتاجرة باعضائهم البشرية او لاغراض التجارب الطبية ) .
وعموما ، تقوم جريمة الاتجار بالبشر – وفقا للقانون
العراقي - اذا توفرت العناصر الاتية :-
اولا :- ان يأتي الجاني باحد الافعال الاتية على الاقل :-
1-
تجنيد الاشخاص . والتجنيد – لغة – هو جمع الجنود ، فجند
الجنود : جمعها . يقال جنود مجندة ، كما يقال الوف مؤلفة . وتجند : صار جنديا /
واتخذ جندا ، وللامر : تفرغ له وهو مأخوذ من الجند ([1]).
2-
نقل الاشخاص . النقل فهو تحويل الشئ من موضع الى اخر ،
نقله ينقله نقلا فانتقل ، والتنقل هو التحول ونقله تنقيلا اذا اكثر نقله ([2]).
3-
ايواء الاشخاص . الايواء من الفعل ( آوى ) وهو اصلان :-
التجمع والاشفاق ، يقال آوى الرجل الى منزله وآوى غيره اويا وإيواء قال تعالى :- (
اذ اوى الفتية الى الكهف ) – 10 / الكهف ، وقال ( واويناهما الى ربوة ) – 50
المؤمنون . والمأوى مكان يأوى اليه ليلا او نهارا ([3]).
4-
استقبال الاشخاص . ( استقبال الاشخاص ) لغة ، فأن استقبل
الرجل : اقبل نحوه ، واستقبل الشئ : واجهه ، واستقبل الرجل : حاذاه بوجهه ، ضد
استدبره ([4]).
اما ( الشخص ) الذي هو محور القانون محل البحث ، فان
المادة ( 34 ) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 نصت :- ( تبدأ شخصية الانسان
بتمام ولادته حيا وتنتهي بموته ) .
ويقصد بالشخص لاغراض هذا القانون الانسان بمعناه العام ،
فلا فرق بين انثى وذكر ، او بالغ وصغير ، ولا فرق بين عاقل ولا مجنون ، او سليم
ومعوق ، اجنبي ام وطني ، مهاجر او مقيم ، وسواء اكانت اقامته او دخوله البلد بطريق
مشروع او بطريق غير مشروع .
ولا يدخل في لفظ ( الشخص ) هنا غير الشخص الطبيعي ، فلا
يعد شخصا لاغراض هذا القانون ( الشخص المعنوي ) فلا يكون الشخص الاعتباري كالشركات
والاشخاص المعنوية العامة ومنظمات المجتمع المدني والاحزاب وغيرها محلا لجريمة
الاتجار بالبشر ، ولو انها تدخل في لفظ ( الشخص ) الواردة في التعريف ، الا ان
الاشخاص المعنوية اشخاص قانونية افتراضية لا وجود لها من الناحية المادية فلا
يتصور ان يتم نقلها او تجنيدها او ايوائها او استقبالها .
ثانيا :- ان يقع التجنيد او النقل او الايواء او
الاستقبال باستعمال طريقة او اكثر من الطرق الاتية :-
1-
التهديد بالقوة .
2-
استعمال القوة او اي شكل من اشكال القسر .
3-
الاختطاف .
4-
الاحتيال .
5-
الخداع .
6-
استغلال السلطة .
7- اعطاء او
تلقي مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سلطة او ولاية على شخص اخر .
ثالثا :- ان يقع ذلك لتحقيق هدف او اكثر من الاهداف
الاتية :-
1-
بيع الاشخاص .
2-
استغلالهم في اعمال الدعارة او الاستغلال الجنسي :-
الدعارة لغة :- هي الفساد والشر ، ودعر الرجل ودعر دعارة : فجر ومجر ، ودعر الرجل
دعرا اذا كان يسرق ويزني ويؤذي الناس ، وهو الداعر ، والدعار المفسد ، والدعر
الفساد ([5]).
ويعد زواج الاطفال خصوصا ابرام زيجات لفتيات دون السن القانونية المقترن بتزوير
وثائق اثبات العمر للتغطية على افعال البغاء او الدعارة او لتسوية ديون . وزواج
البنات الموسمي من الاثرياء المعروف في مصر باسم زواج الصفقة .
3-
استغلالهم في السخرة او العمل القسري :- السخرة فهي لغة
:- ما تسخرت من دابة او خادم بلا اجر ولا ثمن ، يقال سخرته اي قهرته وذللته ،
وسخره تسخيرا كلفه عملا بلا اجرة ، وسخره يسخره سخريا وسخره كلفه ما لا يريد وقهره
. قال تعالى : ( وسخر لكم الشمس والقمر ) اي ذللهما وقال : ( الم تر ان الله سخر
لكم ما في السموات وما في الارض . ) .
اما العمل القسري :- القسر :- القهر على الكره ، قسره
يقسره قسرا واقتسره :- غلبه وقهره وقسره على الامر قسرا : اكرهه عليه ([6])
.
4-
الاسترقاق :- الاسترقاق فهو – لغة - عكس العتق ، واسترق
المملوك ، فرق :- ادخله في الرق . والرقيق :- المملوك واحد وجمع . والرقيق :-
العبد ، رق فلان اي صار عبدا . وجنع الرقيق ارقاء ([7]).والرق
- حسب تعريف المادة ( 1 ) من الاتفاقية الخاصة بالرق الموقعة في 25 / ايلول / 1926 المعدلة ببرتوكول
نيويورك في 7 / كانون الاول / 1953 – هو حالة او وضع اي شخص تمارس عليه السلطات
الناجمة عن حق الملكية كلها او بعضها .
اما تجارة الرقيق – وفقا لها – فتشمل جميع الافعال التي
ينطوي عليها اسر شخص ما او احتجازه او التخلي عنه للغير على قصد تحويله الى رقيق ،
وجميع الافعال الي ينطوي عليها احتجاز رقيق ما بغية بيعه او مبادلته وجميع افعال
التخلي بيعا او مبادلة عن رقيق تم احتجازه على قصد بيعه او مبادلته وكذلك عموما اي
اتجار بالارقاء او نقل لهم . ) .
5-
التسول :- التسول هو
طلب المال او الطعام او المبيت من عموم الناس ، باستجداء عطفهم اما بعاهات
او بسوء حال او بالاطفال ، او حتى بالغناء او الموسيقى او الرقص وتقديم بعض العروض
، بغض النظر عن صدق المتسولين او كذبهم ، ويمارس التسول بشكل متعمد ومتكرر ومنتظم
، فهو استدرار عطف الاخرين لطلب بعض المال او الطعام او المبيت منهم ، وقد يحدث
نتيجة اجبار الاهل اطفالهم على التسول .
والتسول مجرم بموجب المادة 390 من قانون العقوبات رقم
111 لسنة 1969 ([8])،
وعاقبت المادة 392 منه على اغواء الصغير على التسول وشددت العقوبة اذا كان مرتكب
الفعل وليا او وصيا او مكلفا برعاية او ملاحظة الصغير ([9])
.
اما قانون مناهضة العنف الاسري الكوردستاني رقم ( 8 )
لسنة 2011 فجاء بتجريم فعل اخر هو اجبار الاطفال الصغار على التسول كصور من صور
العنف الاسري ، وهي فعل يختلف عن التحريض على التسول الذي يعد مرتكبه مساهم تبعي
في جريمة التسول ، اذا وقعت جريمة التسول ، اما اجبار الاطفال على التسول فانه
جريمة مستقلة بذاتها ، تقع بمجرد ممارسة افعال الاجبار ولو لم يقع التسول ، لان
الاجبار ليست صور من صور المساهمة التبعية
.
وللتسول – عموما - صور كثيرة منها :-
1-
نقل او تسفير الاطفال والنساء داخليا من اسرهم
لاستغلالهم في التسول بصورة منتظمة .
2-
اخذ اطفال من اسرة اخرى لاستغلالهم في التسول اليومي .
3-
تسول البنات المراهقات ، مع العمل في البغاء او الدعارة
كمهنة مصاحبة ، او بجعل التسول غطاء للدعارة .
4-
استئجار الاطفال الرضع او صغيري السن لاستغلالهم في
استدرار عطف المحسنين خاصة في المواسم الدينية وخلال فصل الصيف .
5-
عمل الاطفال في بيع الاشياء الصغيرة كالمناديل والمياة
والزهور ولعب الاطفال في الشوارع والارصفة ، وبعضهم يعمل في تمرير المخدرات او
الدعارة . وتتداخل عدة اشكال استغلالية للاطفال في بيئة التسول ، لكن من المهم
التفريق بين ( الاستغلال المحض ) و ( اشكال الاتجار بالبشر ) .
6-
المتاجرة باعضائهم البشرية .
7-
لاغراض التجارب الطبية .
وتتحقق جريمة الاتجار بالبشر بمجرد قيام الجاني بتجنيد
الاشخاص او نقلهم او ايوائهم او استقبالهم بهدف بيعهم او استغلالهم بغض النظر عن
قيامه بالبيع او الاستغلال او عدم قيامه بذلك ، اي ان الجريمة تقوم اذا وقع
التجنيد او النقل او الايواء او الاستقبال ولو لم يقع البيع او الاستغلال ، ولكن
يشترط ان يكون كل ذلك بهدف البيع او الاستغلال والا لم نكن امام جريمة اتجار
بالبشر .
ويشترط لعد افعال استغلال الاشخاص اتجارا بالبشر ان
يتوافر هدف استغلال الاشخاص من اجل الغير ، فلا يعد تجنيد او نقل او ايواء او
استقبال الاشخاص لاغراض التسول اتجارا بالبشر الا اذا كان لمنفعة الغير ، كاستئجار
الرضيع لاستغلاله في استدرار عطف المحسنين ، او استغلال الشخص للتسول لمصلحة الغير
.
وتقع جريمة
الاتجار بالبشر اذا توفرت عناصرها المذكورة انفا بغض النظر عن كون المجنى عليه (
ضحية الجريمة ) راضيا او غير راض ، وهذا ما نصت عليه المادة ( 10 ) من قانون
مكافحة الاتجار بالشر رقم 28 لسنة 2012 بقولها :- ( لا يعتد بموافقة ضحايا الاتجار
بالبشر في كل الاحوال ) ولا عبرة برضا
المجنى عليه في جريمة الاتجار بالبشر ولو كان عاقلا بالغا رشيدا ، ولا قيمة لرضاه
سواء اكان شفويا او موثقا كتابة باي طريقة كانت ، وكذلك لا قيمة لرضا الضحايا سواء
اكان قبل الجريمة او بعدها او خلالها .
والضحية في جريمة الاتجار بالبشر هو المجنى عليه فيها
وهو الانسان عادة ، والمجنى عليه – حسب
تعريف المادة ( 1 / ثانيا ) من قانون الاتجار بالبشر هو الشخص الطبيعي الذي تعرض
الى ضرر مادي او معنوي ناجم عن جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون .
وعرفت المادة ( 18 / ب ) من اعلان الامم المتحدة بشأن
المبادئ الاساسية لتوفير العدالة لضحايا الجريمة واساءة استعمال السلطة بقولها :-
( الضحايا هم الاشخاص الذين اصيبوا بضررا فرديا او جماعيا ، بما في ذلك الضرر
البدني او العقلي او المعاناة النفسية او الخسارة الاقتصادية ، او الحرمان بدرجة
كبيرة من التمتع بحقوقهم الاساسية عن طريق افعال او حالات اهمال لا تشكل حتى الان
انتهاكا للقوانين الجنائية الوطنية ، ولكنها تشكل انتهاكات للمعايير الدولية
المعترف بها والمتعلقة باحترام حقوق الانسان
)
في حين عرف الضحية في المادة ( 3 ) من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالاشخاص خاصة النساء
والاطفال :- ( هو شخص تعرض لاذى ما ، سواء كان الاذى جسديا ام عقليا ام اقتصاديا ،
نتيجة تعرضه لمجموعة من العوامل والافعال والوسائل والاغراض كما هو محدد في المادة
( 3 / أ ) من البروتوكول وهي التجنيد او النقل او التنقيل او الايواء او الاستقبال
) .
وهناك اصناف اخرى من الضحايا هي :-
الضحية الثانوية :- وهم اعضاء العائلة المباشرة ، او
الاشخاص الذين يعولهم الضحية ، والاشخاص الذين عانوا من مساعدة الضحايا في محنتهم
او لمنع وقوعهم كضحايا .
الضحية المستضعفة :- هو الشخص الذي يكون في حالة ضعف غير
عادية او استضعاف ، اما بسبب السن او الحالة الجسدية او العقلية ، او ان يكون لدية
قابلية الوقوع ضحية للممارسات اجرامية معينة .
الضحية المحتملة :- هو الشخص المعرض لخطر الاتجار
به ، بسبب ظروفه ، ويتوجب العمل لمنعه من
التحول من ضحية محتملة الى ضحية فعلية .
ان اهم النتائج المترتبة على اعتبار شخص ما ضحية من
ضحايا الاتجار بالبشر هي :-
1-
منع تجريمه عن جريمة دخول او مغادرة البلاد بطريقة غير قانونية
، او الهجرة غير القانونية .
2-
منع تجريمه عن حيازة جواز او وثائق السفر المزورة .
3-
منع تجريمه عن العمل في الجنس او الدعارة او التسول او
العمل بلا اذن .
4-
منع تجريمه فيما يتعلق بالاقامة غير المشروعة .
وعلى العموم فان التعريف العراقي المذكور انفا مأخوذ من
التعريف الوارد في المادة ( 3 / أ ) من بروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار
بالاشخاص وبخاصة النساء والاطفال المكمل لاتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة
المنظمة عبر الوطنية ( بروتوكول باليريمو - ايطاليا ) لسنة 2000 التي نصت :-
( لاغراض هذا البروتوكول :- أ- يقصد بتعبير الاتجار
بالاشخاص :- تجنيد اشخاص او نقلهم او تنقيلهم او ايواؤهم او استقبالهم بواسطة
التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال القسر او الاختطاف او الاحتيال
او الخداع او استغلال السلطة او استغلال حالة استضعاف ، او باعطاء او تلقي مبالغ
مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص اخر لغرض الاستغلال .
ويشمل الاستغلال كحد ادنى – استغلال دعارة الغير او سائر
اشكال الاستغلال الجنسي او السخرة او الخدمة قسرا ، او الاسترقاق ، او الممارسات
الشبية بالرق ، او الاستعباد او نزع الاعضاء .).
الا ان المشرع العراقي اجرى على التعريف الدولي ست
تعديلات خطيرة هي :-
اولا :- رفع لفظ ( التنقيل ) الوارد في التعريف الدولي
من تعداد الافعال المكونة للجريمة ، واكتفي بافعال ( التجنيد والنقل والايواء
والاستقبال ) ، في حين ان اللفظ المرفوع ( التنقيل ) له معنى غير ( النقل)
الواردين في النص العراقي والدولي ،
ويواجه انواعا من الافعال لا يستوعبها لفظ ( النقل ) ، تتعلق بمسؤولية الناقلين او
اصحاب وسائل النقل كالسفن والطائرات والحافلات وغيرها.
ثانيا :- رفع ( استغلال حالة الاستضعاف ) الواردة في النص الدولي ، من تعداد طرق قهر
او اجبار الضحايا ، واكتفى بـ ( التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك من اشكال
القسر او الاختطاف او الاحتيال او الخداع او استغلال السلطة او باعطاء او تلقي
مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص اخر . )
رغم ان العبارة المرفوعة تعالج حالة الاشخاص الذين يجدون
انفسهم تحت السيطرة في الاعراف والممارسات المشابة للرق ، وهي حالة موجودة في
العراق، ويعاني منها بعض النساء ، من الضحايا لاعراف عشائرية تقليدية متخلفة . وذا
الموقف من المشرع العراقي جاء على خلاف موقف المشرع المصري [10]والاردني
[11]والقطري
[12]
ثالثا :- رفع حالتين هامتين من حالات الاستغلال هي (
الاستعباد ) و ( الممارسات الشبية بالرق ) الواردة في التعريف الدولي ، رغم انهما
من حالات استغلال البشر الخطيرة والتي نعاني في مجتمعاتنا صور منها ، كمنح النساء
تعويضا الى قبيلة او عشيرة اخرى ( الفصلية ) و( زواج الشغار ) الذي يعطي الرجل فيه
ابنته او اخته الى اخر ليتزوجها في مقابل اخذه بنته او اخته ليتزوجها بلا مهر ،
وهو الزواج المعروف في العراق باسم ( الزواج كصة بكصة ) .
ويعتبر من قبيل ( الاعراف والممارسات الشبية بالرق ) -
حسب نص المادة ( 1 ) من الاتفاقية التكميلية لابطال الرق وتجارة الرقيق والاعراف
والممارسات الشبية بالرق لسنة 1956 [13]–
ما يأتي :-
1-
اسار الدين ، وهو ارتهان المدين بتقديم خدماته الشخصية
او خدمات شخص تابع له ضمانا لدين عليه ، اذا كانت القيمة المنصفة لهذه الخدمات لا
تستخدم لتصفية الدين ، او ان تكون مدة تلك الخدمات او طبيعتها غير محددة .
2-
القنانة :- وهو شخص يكون ملزما – عرفا او قانونا او
اتفاقا – بان يعيش ويعمل في ارض شخص اخر ، بعوض او بدزن عوض ، لكن دون ان يملك
حرية تغيير وضعه .
3-
الوعد بتزويج امرأة او تزويجها فعلا دون ان تملك حق
الرفض ، لقاء بدل مالي او عيني يدفع لابويها او للوصي عليها او لاسرتها او لاي شخص
اخر .
4-
منح الزوج او اسرته او قبيلته حق التنازل عن زوجته لشخص
اخر لقاء ثمن او عوض اخر .
5-
توريث المرأة الى شخص اخر اذا ما مات زوجها .
6-
اي عرف او ممارسة تسمح لاحد الابوين او كليهما او للوصي
بتسليم طفل او مراهق دون الثامنة عشرة الى شخص اخر ، لقاء عوض او بلا عوض ، بقصد
استغلال الطفل او المراهق او استغلال عمله .
رابعا :- ابدال لفظ ( نزع الاعضاء البشرية ) المستخدم في
النص الدولي بلفظي ( المتاجرة باعضائهم البشرية او لاغراض التجارب الطبية ) ، وهو
اتجاه منتقد لان اللفظ الدولي اوسع بكثير من النص العراقي ، لان النص العراقي حصر
الامر في هدفين او صنفين من الاستغلال ، الاول هو المتاجرة بالاعضاء ، والثاني
التجارب الطبية ، فيخرج – بالتالي - اي شكل من اشكال نزع الاعضاء البشرية لاي غرض
اخر غير المتاجرة او التجارب الطبية ، مثل ان يختطف مراهق لاخذ عضو منه لزرعه في
جسد ابن احد الاثرياء او زعماء القبائل او اصحاب النفوذ والسلطة ، او لاغراض نزع
بعض اعضائه لأكلها او لاستخدامها في السحر والشعوذة ، فذلك لا يعد من اشكال
المتاجرة بالبشر وفقا للنص العراقي ، ما دام لا يقصد من الجريمة المتاجرة باعضائها
ولكن اكلها او استعمالها في السحر او التطبيب ، في حين اان النص الدولي يستوعب كل
تلك الفروض لان اطلق لفظ ( نزع الاعضاء ) فلم يقيدها باي قيد او شرط .
ومع ذلك فأن النص العراقي كان موفقا - هنا - في اضافة
لفظ ( او لاغراض التجارب الطبية ) التي خلا منها النص الدولي والقوانين العربية ،
وهي قد تفسر بوجهين ، الوجه الاول استغلال الضحية نفسه بالتجارب الطبية ، ولو بلا
نزع لاعضائه او انسجته البشرية كلا او جزاءا ، والوجه الثاني هو نزع اعضاءه
البشرية لاغراض التجارب الطبية ، وكلاهما يصلح النص العراقي لاستيعابه ، وهذه هي
الحسنة الوحيدة التي تميز بها النص العراقي عن النص الدولي والقواانين العربية
الاربعة المصري والاردني والقطري والعماني .
خامسا :- حصر هدف الجناة في ( الاستغلال ) في ثمان اغراض فقط ،على خلاف النص الدولي
الذي ذكرها على سبيل المثال لا الحصر . ويعد ذلك اخطر تعديل اجراه القانون العراقي
على التعريف الدولي ، حينما اكتفى القانون العراقي بثمانية انواع من انواع
الاستغلال هي :- 1- اعمال الدعارة 2- الاستغلال الجنسي 3- السخرة 4- العمل القسري 5- الاسترقاق 6-التسول 7-
المتاجرة باعضائهم البشرية 8- لاغراض التجارب الطبية ، في حين ان النص الدولي لم
يحصر اصناف الاستغلال ، بل اطلقها تحت مسمى ( الاستغلال ) وضرب عليها امثلة فقط .
ومعنى ذلك هو ان
النص العراقي وقع بخطأ خطير حينما حصر ( الاستغلال ) في ثمانية صور فقط ، فأذا
وقعت جريمة الاتجار بالبشر بكامل اركانها الا ان الجناة كانوا يريدون استغلال
الضحية في غرض لا يدخل في الاغراض الثمانية التي ذكرها النص العراقي ، فأن فعلهم
لا يعد جريمة ( اتجار بالبشر ) وفقا للقانون العراقي ، بخلاف النص الدولي الذي لم
يحصر اغراض الاستغلال بتعدادها ، بل اطلق لفظ ( الاستغلال ) وضرب عليه امثلة فقط .
سادسا :- خلل التعريف فيما يتعلق بالاتجار بالاطفال :-
اذ اوجب النص الدولي بموجب الفقرة ( ج ) من المادة ( 3) من برتوكول باليريمو لسنة
2000 ان يعتبر تجنيد طفل او نقله او تنقيله او ايواؤه او استقباله لاغرض الاستغلال
اتجارا بالاشخاص حتى اذا لم ينطو على استعمال وسائل القسر والاكراه او الاحتيال ،
في حين ان القانون العراقي اغفل ذكر ذلك ، وذلك يعني ان جريمة الاتجار بالاطفال لا
تتحقق - طبقا للنص العراقي - الا اذا كان هناك تهديد بالقوة او استعمالها او
اختطاف او احتيال او خداع ...الخ . في حين يتوجب عدم اشتراط ذلك في الاتجار
بالاطفال ، خصوصا مع الاطفال الصغار جدا كالرضع ، الذين يتصور وقوع جريمة الاتجار
بهم دونما حاجة الى التهديد بالقوة او استعمالها او الاحتيال او الاختطاف ... الخ
كالاطفال الرضع الذين قد يجدهم الجناة في الشوارع او بين يدي من وجدهم مرمين تخلصا
من العار او من تكليف التربية والاعالة . وهذا عيب خطير اخر في القانون العراقي .
اي ان القانون العراقي اتجه الى تقليص الحالات والصور
والفروض التي تشملها جريمة الاتجار بالبشر ، اذ سعى في كل التغييرات التي ادخلها
على النص الدولي الى تضييق نطاقه ، باستثناء اضافته هدف ( البيع ) الى هدف
الاستغلال الذي جاء به النص الدولي ، وهو اتجاه منتقد ، وسار به المشرع العراقي
على خلاف ما توجهت اليه كل التشريعات العربية في هذا الخصوص التي حرصت على توسيع
الفروض التي قد يشملها التعريف الدولي وليس الى تضييقها ، اذ نصت المادة ( 2 ) من
قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 64 لسنة 2010 :- ( يعد مرتكبا لجريمة الاتجار
بالبشر كل من يتعامل باية صورة في شخص طبيعي بما في ذلك العرض للبيع او الشراء او
الوعد بهما او الاستخدام او النقل او التسليم او الايواء او الاستقبال او التسلم
سواء داخل البلاد او عبر الحدود الوطنية – اذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة او
العنف او التهديد بهما او بواسطة الاختطاف او الاحتيال او الخداع او استغلال
السلطة او استغلال حالة الضعف او الحاجة او الوعد باعطاء او تلقي مبالغ او مزايا
مقابل الحصول على موافقة شخص على الاتجار بشخص اخر له سيطرة عليه – وذلك كله – اذا
كان التعامل بقصد الاستغلال ايا كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في اعمال الدعارة
وسائر اشكال الاستغلال الجنسي واستغلال الاطفال في ذلك وفي المواد الاباحية او
السخرة او الخدمة قسرا او الاسترقاق او الممارسات الشبيه بالرق او الاستعباد او
التسول او استئصال الاعضاء او الانسجة البشرية او جزء منها . )
فيلاحظ ان المشرع المصري توسع في الفروض والصور التي قد
تشملها جريمة الاتجار بالبشر توسعا كبيرا بما يؤمن استيعابها لصور وفروض كثيرة لم
يستوعبها النص الدولي ، فتوسع من جهة في الافعال المكونة للجريمة بان جعلها تشمل
كل صور التعامل بانسان او استخدامه او نقله او تسليمه او استلامه او ايوائه او
استقباله ، واحتاط لشموله الافعال سواء وقعت داخل البلاد او عبر الحدود الوطنية .
وتوسع ايضا في وسائل او طرق القيام بالافعال فاضاف الى
ما جاء بالنص الدولي طرق اخرى هي العنف واستغلال الحاجة و الوعد باعطاء مبالغ او
مزايا ، واطلق لفظ الاستغلال بقوله ( ايا كانت صوره ) واضاف امثلة اخرى - اضافة
الى اخذه بكل الامثلة التي جاء بها النص الدولي – مثل استغلال الاطفال في المواد
الاباحية واستئصال الانسجة البشرية او استئصال جزء من الاعضاء البشرية او جزء من
الانسجة البشرية .
ان التغييرات الخطيرة التي اجراها المشرع العراقي في
تعريف الجريمة فأدت الى تضييقها عما اورده النص الدولي سيؤثر تأثيرا واضحا في
النظرة الى استجابة العراق لالتزاماته الدولية بموجب اتفاقية مكافحة الجريمة
المنظمة عبر الوطنية وبرتوكول باليريمو لسنة 2000 المكمل لها ، كما انه سيؤثر في
سلامة تطبيق النص على مجموع الافعال التي تشكلها جريمة الاتجار بالبشر فيخرج افعال
خطيرة منها ، وسيؤدي ذلك بالنتيجة الى
اخراج بعض ضحايا الاتجار بالبشر من المشمولين بالرعاية التي نص عليها القانون لعدم
عد ما يقع عليهم كـ ( جريمة اتجار بالبشر ) فيحرمون من الاستفادة مما جاء به
القانون لضحايا الاتجار بالبشر كالعناية الصحية والمساعدة المالية والمشورة
القانونية والمسكن وغيرها .
القاضي
رحيم حسن العكيلي
ايار /
2012
[4] - المنجد في اللغة والاعلام – دار المشرق – بيروت- ط 43 – ص606 .
[8] - نصت المادة ( 390 ) من قانون العقوبات :- ( 1- يعاقب بالحبس مدة
لا تزيد على شهر كل شخص اتم الثامنة عشرة من عمره وكان له مورد مشروع يتعيش منه او
كان يستطيع بعمله الحصول على هذا المورد وجد متسولا في الطريق العام او في المحلات
العامة او دخل دون اذن منزلا او محلا ملحقا به لغرض التسول ، وتكون العقوبة الحبس
مدة لا تزيد على ثلاثة اشهر اذا تصنع المتسول الاصابة بجرح او عاهة او استعمل اية
وسيلة اخرى من وسائل الخداع لكسب احسان الجمهور او كشف عن جرح او عاهة او الح في
الاستجداء .2- واذا كان مرتكب هذه الافعال لم يتم الثامنة عشرة من عمره تطبق بشأنه
احكام مسؤولية الاحداث في حالة ارتكاب مخالفة . ) .
[9] - نصت المادة ( 392 ) من قانون العقوبات :- ( يعاقب بالحبس مدة لا
تزيد على ثلاثة اشهر وبغرامة لا تزيد على خمسين دينارا او باحدى هاتين العقوبتين
كل من اغرى شخصا لم يتم الثامنة عشرة من عمره على التسول ، وتكون العقوبة الحبس
مدة لا تزيد على ستة اشهر والغرامة التي لا تزيد على مائة دينار او احدى هاتين
العقوبتين اذا كان الجاني وليا او وصيا او مكلفا برعاية او ملاحظة ذلك الشخص . ) .
[10] - نص قانون مكافحة الاتجار بالبشر المصري رقم 64 لسنة 2010 في
المادة ( 2 ) منه :- ( يعد مرتكبا لجريمة الاتجار بالبشر كل من يتعامل باية صورة
في شخص طبيعي بما في ذلك البيع او العرض او الشراء او الوعد بهما او الاستخدام او
النقل او التسليم او الايواء او الاستقبال او التسلم سواء وقع داخل البلاد او عبر
حدودها الوطنية – اذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة او العنف او التهديد بهما ، او
بواسطة الاختطاف او الاحتيال او الخداع ، او استغلال السلطة او استغلال حالة الضعف
او الحاجة او الوعد باعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا مقابل الحصول على موافقة
شخص على الاتجار بشخص اخر له سيطرة عليه – وذلك كله – اذا كان التعامل بقصد
الاستغلال ايا كانت صورة بما في ذلك الاستغلال الجنسي واستغلال الاطفال في ذلك وفي
المواد الاباحية او السخرة او الخدمة قسرا او الاسترقاق او الممارسات الشبية بالرق
او التسول او استئصال الاعضاء او الانسجة البشرية او جزء منها . ) .
[11] - اذ نصت المادة ( 3 ) من قانون مكافحة الاتجار بالبشر الاردني
رقم ( 9 ) لسنة 2009 المنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 4952 بتاريخ 1 / 3 / 2009 :-
( أ- لمقاصد هذا القانون تعني عبارة ( جرائم الاتجار بالبشر ) :- 1- استقطاب اشخاص
او نقلهم او ايوائهم او استقبالهم عن طريق التهديد بالقوة او استعمالها او غير ذلك
من اشكال القصر او الاختطاف او الاحتيال او الخداع او استغلال السلطة او استغلال
حالة ضعف او باعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا لنيل موافقة شخص له سيطرة على
هؤلاء الاشخاص او :- 2- استقطاب او نقل او ايواء او استقبال من هم دون الثامنة
عشرة متى كان ذلك بغرض استغلالهم ولو لم يقترن هذا الاستغلال بالتهديد بالقوة او
استعمالها او غير ذلك من من الطرق الواردة في البند ( 1 ) من هذه الفقرة . ب-
لغايات الفقرة ( أ ) من هذه المادة ، تعني كلمة ( الاستغلال ) استغلال الاشخاص في
العمل بالسخرة او العمل قسرا او الاسترقاق او الاستعباد او نزع الاعضاء او الدعارة
او اي شكل من اشكال الاستغلال الجنسي .
[12] - نصت المادة ( 2 ) من قانون مكافحة الاتجار بالبشر رقم 15 لسنة
2011 :- ( يعد مرتكبا جريمة الاتجار بالبشر كل من استخدم باي صورة شخصا طبيعيا او
ينقله او يسلمه او يأويه او يستقبله او يستلمه ، سواء في داخل الدولة ام عبر
حدودها الوطنية ، اذا تم ذلك بواسطة استعمال القوة او العنف او التهديد بهما ، او
بواسطة الاختطاف او الاحتيال او الخداع او استغلال السلطة او استغلال حالة الضعف
او الحاجة او الوعد باعطاء او تلقي مبالغ مالية او مزايا مقابل الحصول على موافقة
شخص على الاتجار بشخص اخر له سيطرة عليه ، وذلك كله اذا كانت هذه الافعال بقصد
الاستغلال ايا كانت صوره بما في ذلك الاستغلال في اعمال الدعارة او غيرها من اشكال
الاستغلال الجنسي او استغلال الاطفال في ذلك وفي المواد الاباحية او التسول
والسخرة او الخدمة قسرا او الاسترقاق او الممارسات الشبية بالرق او الاستعباد او
استئصال الاعضاء او الانسجة البشرية او جزء منها .
[13] - نصت المادة ( 1
) من الاتفاقية التكميلية لابطال الرق لسنة 1956 :- ( تتخذ كل دولة من الدول
الاطراف في هذه الاتفاقية جميع التدابير التشريعية وغير التشريعية القابلة للتنفيذ
العملي والضرورية للوصول تدريجيا وبالسرعة الممكنة الى ابطال الاعراف والممارسات
التالية او هجرها حيثما استمر وجودها وسواء شملها ام لم يشملها تعريف الرق الوارد
في المادة ( 1 ) من الاتفاقية الخاصة بالرق الموقعة في جنيف يوم 25 / ايلول –
سبتمبر / 1926 :- أ- اسار
الدين ، ويراد بهالحال او الوضع الناجم عن ارتهان مدين بتقديم خدماته الشخصية او
خدمات شخص تابع له ضمانا لدين عليه ، اذا كانت القيمة المنصفة لهذه الخدمات لا
تستخدم لتصفية هذا الدين او لم تكن مدة هذه الخدمات او طبيعتها محددة .
ب-القنانة ، ويراد بها حال او وضع اي شخص ملزم ، بالعرف
او القانون او عن طريق الاتفاق ، بأن يعيش ويعمل على ارض شخص اخر وان يقدم خدمات
معينة لهذا الشخص بعوض او بلا عوض ، ودون ان يملك حرية تغيير وضعه .
ج- اي من الاعراف او الممارسات التي تتيح :-
1-
الوعد بتزويج امرأة ، او تزويجها فعلا ، دون ان تملك حق
الرفض ، ولقاء بدل مالي او عيني يدفع لابويها او للوصي عليها او لاسرتها او لاي
شخص اخر او اية مجموعة اشخاص اخرى .
2-
منح الزوج او اسرته او قبيلته حق التنازل عن زوجته لشخص
اخر لقاء ثمن او عوض اخر .
3- امكان جعل
المرأة لدى وفاة زوجها ارثا ينتقل الى شخص اخر .
د- اي من
الاعراف او الممارسات التي تسمح لاحد الابوين او كليهما او للوصي بتسليم طفل او
مراهق دون الثامنة عشرة الى شخص اخر ، لقاء عوض او بلا عوض ، على قصد استغلال
الطفل او المراهق او استغلال عمله .
السيد القاضي المحترم السلام عليكم
ردحذفارجو الكتابه عن فيما اذا ارتبطت جريمة الزنا بجريمة الدعارة والاتجار بالبشر وحاىات الارتباط هنا شائكه من حيث وجوب الشكوى لبعض الجرائم المرتبطه *****
فان الموضوع شائك ويحتاج الى بحث واشباع
وخاصة هناك قصور في القانون العراقي بهذا الشان
مع فائق الاحترام